السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
شيخ لدي سؤال بخصوص ارسال المال هل يجوز أن أعطي المال بالدولار لشخص هنا ويعطيني القيمة المتفق عليها في بلدي مثلا في المغرب بالدرهم او تعتبر ربا النسيئة شكرا
الاجابة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الكريم،،
أما ما سألت عنه أخي الكريم فله صور متعددة يقع بها، وبينها فروق وإن بدت يسيرة في ظاهرها، إلا أن آثارها الشرعية تتباين بقدر ما بين الجواز وعدمه من بين، وإليك أهمها:
1 / الصورة الأولى : وهي صورة يتحقق فيها (ربا النسيئة) على نحو ما أشرت في سؤالك أخي الكريم، وذلك إذا اعتبرنا أن العقد عقد مصارفة، وانك إنما بعته دولارات كندية بدراهم مغربية، تأخر قبضها عن مجلس العقد ((دون أي اعتبار آخر))، فهذا هو عين ربا النسيئة، وعين مخالفة صريح صحيح الهدي النبوي: (فإذا اختلفت الأصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد)، ونهيه (ص) أيضاً: (ولا تبيعوا منها غائبا بناجز)
وقد أكدت على عبارة ((دون أدنى اعتبار آخر)) بين أقواس، لكي أميز هذه الصورة عما سيأتي بعدها.
2 / الصورة الثانية : صورة دفع مبلغ كندي من زيد إلى عمرو على أن يدفعه الأخير من خلال وكيله في المغرب إلى قريب (زيد) بسعر صرفه يوم التسليم.
حكم هذه الصورة: غير جائزة، لأكثر من سبب:
السبب الأول : أنها عقد صرف مفتقد لشروط صحة الصرف، فلا المناجزة قد تحققت فيه (يدا بيد)، ولا المصارفة في الذمة قد وقعت.
السبب الثاني : أنها عقدين في عقد، حيث إن العقد الأول (الصرف) لمَّا يفصل فيه بعد، ودخل عليه العقد الثاني (التحويل)، وفي صحيح الهدي النبوي، النهي عن اجتماع عقدين في عقد واحد.
3 / الصورة الثالثة : صورة المصارفة في الذمة، وهي عقد جائز عند طائفة من الفقهاء بشرط أن يكون ما في الذمة معلوما محددا بسعر مجلس العقد، لا بسعر وقت لاحق.
فيدفع الان (زيد) إلى (عمرو) مبلغ 100$ كندي بما يقابلها من دراهم المغرب بسعر اللحظة الجارية، ثم تبقى الدراهم المتفق عليها دينا في ذمة عمرو.
ثم يكون تسليم ذلك الدين داخل المغرب إلى شقيق (زيد) بمثابة عقد آخر (عقد تحويل).
وهذه صورة جائزة (عند بعض الفقهاء)، وقد كانت تعرف عند الفقهاء قديما باسم (السفتجة).
واذا كان لعموم الاحتياج أثره في الترخص لبعض المحظورات ، فلأن يكون له أثره في تأكيد العمل بما فيه اختلاف أصلا (أولى).
وعليه أخي الكريم ،،
فإنه يجوز لك أن تدفع أموالك الكندية التي تريد إرسالها إلى المغرب (مثلا) لمن سيقوم بتحويلها هناك، ثم تتفقان على سعر الصرف في نفس لحظة تسليمه المبلغ الكندي هنا، ثم تبقى القيمة بالدرهم المغربي حسب سعر الصرف (الذي تم فعليا) دينا في ذمته.
ثم يقوم ذلك الأخير (المدين) بتحويل ما في ذمته من دراهم مغربية (ثابتة معلومة محددة لا جهالة فيها أو غموض) إلى قريبك أو وكيلك هناك.
سواء أخذ على عقد التحويل الأخير مبلغا من المال، أو اكتفى بتحقيق مصلحته في جلب أمواله من هناك، كل ذلك جائز إن شاء الله. والله تعالى أعلم.