درجات الأرحام

السلام عليكم ورحمة الله أخي الشيخ ابو حمزة

سؤالي عن قاطع الارحام.

من هم الأشخاص الذين يدخلون في حكم الارحام بالتحديد.

وماهي المدة الزمنية التي تعتبر قطع رحم.

جزاك الله خيرا.

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته اخي الحبيب الغالي عبد الرحيم، حفظك الله وبارك لك في أهلك وولدك ومالك، آمين 🤲


†

بداية نذكر أنفسنا بأن وصل الأرحام فريضة من أوجب فرائض الدين، وأنها من وصل الله، وأن قطعها من قطع الله، ففي صحيح الهدي النبوي: (لما خلق الله الرحم قامت فتعلقت بعرش الرحمن، وقالت يا رب هذا مقام العائذ بك من القطيعة، فقال الله تعالى: أما ترضين أن أقطع من قطعك، وأصل من وصلك؟ قالت رضيت، قال الله: فذاك)، والأحاديث في ذلك كثيرة جدا. وفي المقابل فإن قطع الرحم كبيرة من كبائر الذنوب ، فإن حد الكبيرة: (كل معصية حدد الشرع لها عقوبة دنيوية – حد من الحدود -، أو توعد عليها بوعيد أخروي شديد)، ولا خلاف أن اللعن والذي يعني الطرد من رحمة الله التي وسعت كل شيء، هو أخطر وعيد، وفي محكم التنزيل لعن الله قاطع الرحم: (فهل عسيتم إن توليتم أن أفسدوا في الأرض وتقطعوا أرحامكم، أولائك الذين لعنهم الله فاصمهم وأعمى أبصارهم).

وقد لعن الله من لم يصل رحمه أيضا في سورة الرعد: (وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ ۙ أُولَٰئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ)[الرعد – 25].

ويبقى الآن مضمون سؤالك اخي الحبيب، من هم الأرحام؟ وما هو القدر الذي يتحقق به وصل الرحم؟

  • من هم الأرحام:

الأرحام في باب فريضة الصلة درجتان:

  • درجة يجب وصلهم على الاطلاق.
  • ودرجة يسن وصلهم ويثاب واصلهم.

أما الدرجة الأولى (الرحم الواجب وصلهم) ، فهم الأقارب الذين تجمعهم صلة محرمية النكاح، ويقصد بمحرمية كل شخصين لو كان أحدهما ذكرا والآخر انثى فإنه يحرم النكاح بينهما، كالاخوين مثلا، والرجل وعمه، ونحو ذلك في كل المحرميات في باب النكاح، وحصرهم فيما يلي:

  1. الآباء وإن علو (الاب والجد ووالد الجد، والام وامها وامها وإن علت).
  2. الابناء وإن نزلوا (الابن وابن الابن وابن ابن الابن، الخ، والبنت وأبناء البنت، وأبناء الأبناء وإن نزلوا).
  3. الحواشي وان بعدوا (الاخ، وأبناء الاخ، وأبناء الأبناء،، الخ، والأخت وأبناء الأخت، وأبناء الأبناء، وان بعدوا).
  4. الأعمام والعمات وان تعددوا، سواء أشقاء أو لأب أو لأم والاخوال والخالات وان تعددوا سواء أشقاء أو لأب أو لأم.
  5. زوج الأم، وزوجة الاب.
  6. زوجة الابن، وزوج البنت.
  7. من بينك وبينه محرمية إرضاع.

 وأما الدرجة الثانية ، فيندرج تحتها بقية القرابات، يسن وصلهم ويثاب عند الله واصلهم، كأبناء العمومة، وأبناء الخئولة، ومثلهم للأب، ومثلهم للأم، وسائر الأقارب والأرحام.

 ما القدر الذي يتحقق به وصل الأرحام؟

هذا يختلف باختلاف درجاتهم على نحو ما سبق:

 أما أرحام درجة الوجوب : فيجب تفقد أحوالهم، ومساعدة فقيرهم، وعيادة مريضهم، وإعانة ضعيفهم، وتلبية دعواتهم، ودعوتهم إلى مناسباتك وافراحك، وكل ما تتحقق به معاني النصرة والعون بين الارحام، بمعنى أن تكون في حياتهم ويكونون في حياتك، ولا حد لعدد المرات في ذلك، وانما هو ميدان سبق يتسابق فيه السابقون إلى الله عز وجل.

 وحري بالتذكير أن قطيعتهم أو إسائتهم لك لا تسوغ لك قطيعتهم، وانما يجب عليك أن تصبر عليهم على قدر وسعك، وان تتصبر على ذلك بعظيم وعد الله وكريم ثوابه، وان تضع نصب عينيك قول الله تعالى: (وَجَعَلْنَا بَعْضَكُمْ لِبَعْضٍۢ فِتْنَةً أَتَصْبِرُونَ ۗ وَكَانَ رَبُّكَ بَصِيرًا)،[الفرقان – 20] فعندما يجهل عليك أحدهم فحري بك أن يتسع صدرك له مرتين، مرة لأنه رحم واجب وصلها، ومرة لأن الله فضلك فكنت المجهل عليه وليس الجاهل.

 وحري بالتذكير أن صلة الأرحام لا تنبني على المكافئة، بحيث من زارك تزوره، ومن سأل عنك تسال عنه، لحديث النبي ﷺ (ليس الواصل بالمكافئ، ولكن الواصل من إذا قطعت رحمه وصلها).

 وحري بالتذكير أيضا أن صلة الأرحام ليست فيها مقامات، وان كان ينبغي ذلك، فلا ينتظر الكبير من الصغير أن يبادر بالصلة مثلا، وان كان ذلك من جملة الآداب والمندوبات، لكن لا يتوقف واجب الصلة عليه، وانما الكل يسعى إلى الصلة، والى درء عذاب القطيعة وفي سبيل ذلك يطرق الكبير باب الصغير إن لم يبادره، ويسعى الجد لصلة حفيده إن لم يسابقه.

 وأما درجة بقية القرابات والارحام ، فوصلهم يتاتي ويتحقق بكل ما يصدق على أنه (صلة) وليس هناك حد معين لذلك، غاية ما في الأمر أن تكون العلاقات متصلة، وليست ثمة خصومة أو هجران، ومن زاد زاد الله له، ومن كرم كرم الله عليه.

والله تعالى أعلم

الأكثر مشاهدة

أضيف مؤخراً

أضيف مؤخراً