السؤال:
السلام عليكم، ما حكم أكل الطعام الذي قد يكون طبخ ببعض الكحول ؟ مثال أطباق غلال البحر كالمحار oysters احتمال كبير أنه طبخ مع كحول … و غيره من الأطباق المشابهة …
هل يجوز أكلها ؟ و هل يفرق إن شفت الطباخ بالعين وضع الكحول أو ما شفت شيء لكن غلب على ظني بحكم العادة أنه الطبق الفلاني احتمال كبير جدا فيه الكحول ؟ مثل كعكة الTiramisu الوصفة التقليدية الأصيلة المفروض فيها كحول، لكن أنا لما أذهب إلى مطعم مش عارف هو يتبع أي وصفة ؟ أحكم بغلبة الظن و أقول فيها كحول ؟
الاجابة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الكريم،،
ما ذكرته من الكحول كمكون في بعض المطعومات، إنما ينبني على مسألة (الاستهلاك)، وما ذكرته من الجيلاتين كمكون في بعض المطعومات أيضاً، إنما ينبني على مسألة (الاستحالة)، وبيانهما كما يلي:
# الاستهلاك، يقصد بها استهلاك المادة المضافة بخلطها ومزجها في كميات هائلة من غيرها، على نحو تتلاشى معه خصائصها، كما في إضافة نسبة يسيرة من الكحول إلى مكونات أخرى كثيرة، وكسقوط نجاسة يسيرة في بركة ماء عظيمة، ونحو ذلك.
# الاستحالة: يقصد بها تحول العين من حالة إلى حالة أخرى، تتبدل فيها خصائصها الكيمائية عن خصائص المادة الأصلية قبل التحول، ولعل من أوضح الأمثلة على ذلك (استحالة المصحف بالحرق إلى رماد)، فهل عندما تستحيل المادة من حالة إلى حالة يبقى ملازم لها نفس حكم الحالة الأصلية؟ ام يتغير الحكم بما يلائم الحالة الجديدة؟
بعبارة أخرى: هل نعتبر رماد المصحف كلاما مقدسا فيجب دفنه وصيانته؟ ام نعتبر أن المصحف قد استحال إلى مادة أخرى تماما، وعليه فإن رماده مادة جديدة ككل رماد؟
خلاف بين الفقهاء في كلا المسألتين السابقتين (الاستهلاك والاستحالة):
1/ فبينما يرى البعض أن إضافة الكحول بنسبة يسيرة في مكونات أخرى كثيرة يجعله مستهلكا فاقدا لخصائصه داخل مادة المزيج، وعليه فإنه لا يحرم تناول منتج المزيج.
2/ والبعض الآخر يرى أن ما زال المنتج محتويا بحسب الواقع على نسبة من الكحول، وان ذلك محرم، وما يشتمل على محرم يكون محرما.
ونحو هذا الخلاف في مسألة (الاستحالة) أيضا، فبينما ينظر البعض إلى الجيلاتين على أنه مشتقات حيوانية غير مباحة الاستخدام باعتبار الأصل، يرى البعض أنها ليست كذلك، وانما استحالة بعمليات المعالجة التصنيعية والكميائية إلى مادة أخرى جديدة بعيدة كل البعد عن خصائص المادة الأصلية (مستخلصات أجزاء الحيوان).
© الترجيح:
والراجح الذي عليه الفتوى ، أن الشبهات في كل ما سبق قوية، وتدعونا لأن نحكم بعدم الجواز، اللهم إلا أن يتعلق الأمر بعلاجات تحتوي على هذا أو ذاك، فعند ذلك يترخص في استعمال الدواء المشتمل على شيء مما سبق (الكحول أو الجيلاتين)، نظرا لحاجة التداوي ومصلحة الشفاء.
والله تعالى أعلم.