السؤال:
السلام عليكم و رحمة الله و بركاته،
العمل في التقنيات المعلوماتية Information technology
يستوجب معرفة في البرمجة و في الهندسة بصفة عامة و في مجالات كثيرة و متقاطعة.
الخدمة المقدمة هي تقنية بالأساس و أحيانا إدارية لإنجاح المهمة التقنية. مع العلم ان نجاح العمل التقني من أهم اسباب ربح الشركة.
معظم الشركات دخلها مختلط فيه من الحلال و الحرام، مثل التعامل بالربا. خاصة الشركات الكبيرة حتى و ان لم تكن تنتج من الحرام فانها تتعامل تجاريا مع شركات دخلها من الحرام.
هل يجوز العمل في هذه الشركات؟ هل يجب أن اتبين من دخل الشركة قبل العمل فيها؟
واعطي ميثال خاص؛ العمل كموظف تقني في بنك، يساعد الموظفين على اداء عملهم بفك المشاكل التقنية و اقتراح حلول تقنية تمكنهم من العمل بسرعة و بأكثر نجاعة. او ابتكار برامج الخ. البنك دخله من البورصة و الربا و المضاربات الخ. هل الكسب من هذا العمل حلال؟
الاجابة:
وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته أخي الكريم،، بين يديك جواب الفتوى، وقبله بيان موجز لأحكام الإعانة على غير المباح في المعاملات المالية والوظائف والأعمال.
خلاصة الفتوى / يجوز العمل في مثل تلك الشركات (عامة)، ولا يجوز العمل كتقني أو مبرمج فيما يخص مجالي: (البنوك، وتجارة الخمور) تحديداً
الإعانة على المحرم أمر محرم في الشريعة الإسلامية الغراء، قال الله تعالى: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، لكن معلوم أن الإعانة على المحرم لها صور واسعة ودرجات متعددة، ولا يتصور أن تكون كل إعانة على المحرم محرمة بكل درجاتها المباشرة وغير المباشرة، وإلا لاستحالت حياتنا في جل تصرفاتنا إلى الحرام، فلا تكاد تخلو حياة المسلم اليوم من تصرف لا يفضي ولو بطريق بعيد أو غير مباشر إلى معنى من معاني الإعانة على الإثم والحرام.
ومن هنا فصَّل الفقهاء (ح) الكلام في هذه المسألة (مسألة ما يحل وما يحرم من العقود والوظائف والأعمال التي تفضي بلون من ألوان الإعانة على الإثم والحرام) إلى ثلاثة أقسام:
القسم الأول: الإعانة المنصوص على حرمتها
القسم الثاني: الإعانة المباشرة على المحرم
القسم الثالث: الإعانة غير المباشرة على المحرم،، وتوضيح ذلك فيما يلي:
القسم الاول : الإعانة المنصوص على تحريمها، وهي مقتصرة على الإعانة فيما يتعلق بدائرتين محددتين (الربا، والخمر)؛ حيث نصت الشريعة الإسلامية في صريح السنة النبوية الصحيحة على أن حكم التحريم في هاتين الكبيرتين ليس مقتصرا على طرفي التعامل فيها كما هو الحال في سائر المحرمات، وإنما يتعدى ليشمل حتى أطراف الإعانة غير المباشرة في إخراج هذين المنكرين في دنيا الناس.
أما في الربا، ففي الصحيح أن النبي (ص): (لعن آكل الربا، وموكله، وكاتبه، وشاهديه)، وفي رواية مسلم، قال: (وهم سواء).
وأما في الخمر، فلعن النبي (ص) عشرا، قال: (لعن الله الخمر، وعاصرها، ومعتصرها، وشاربها، وحاملها، والمحمولة إليه، وساقيها، وبائعها، وآكل ثمنها، والمشتري لها، والمشتراة له).
فدل ذلك على تحريم الإعانة بشتى صورها ودرجاتها المباشرة والغير مباشرة فيما يتعلق بهذين المجالين (الربا، والخمور) من وظائف وأعمال.
والفتوى المعاصرة في خصوص العمل في البنوك قد اختلف فيها علماء مصر وعلماء الحجاز على مذهبين معاصرين شهيرين:
فأما علماء مصر والأزهر فعلى إباحة الوظائف والأعمال التي لا تتصل بالمنظومة الربوية، كوظيفة عامل النظافة، وعامل الحراسة، ونحوهما
وأما علماء الحجاز فعلى المنع من كل ذلك، ودن تفريق.
القسم الثاني : الإعانة المباشرة على المحرم، وهي محرمة، لنص الآية القرآنية الكريمة: (ولا تعاونوا على الإثم والعدوان)، وذلك كمن يعمل في ملهى ليلي مثلا في موقع إيصال الزبائن من وإلى الملهى، ونحو ذلك من الصور المتعددة التي تمثل إعانة مباشرة على المحرم.
القسم الثالث : الإعانة غير المباشرة على المحرم، وهذا ينطوي تحته سؤالك الذي سألت عنه أخي الكريم، كمن يعمل في مجال البرمجيات مثلاً، بعض إنتاجه قطعا سيستخدم في استخدامات محرمة، وكذا مثلا من يعمل في بيع الملابس النسائية أو تصنيعها، بعض سعيه وإنتاجه ستلبسه المرأة في بيتها أو تحت ملابسها، وبعضها قطعا سيكون تبرجا وعريا، ونحو ذلك من أمثلة كثيرة لا حصر لها.
وحكم أعمال ووظائف هذا القسم من أقسام الإعانة على المحرم، أنها أعمال ووظائف مباحة وجائزة لا حرج فيها، تعمل فتأخذ أجرة عملك، بصرف النظر عما سيكون وراء الاستعمال من قصود سواء أدركتها أم لم تدركها: (ما عليك من حسابهم من شيء، وما من حسابك عليهم من شيء) سورة الأنعام (52).
وقد أقام النبي (ص) في المدينة المنورة عشر سنوات يعامل اليهود فيها بالبيع والشراء والأخذ والعطاء، وما أثر أنه (ص) كان يستفصل منهم عن مصدر مال دفعوه له (ص) في بيع: كيف تملكتموه؟ أو من أين ربحتموه؟ رغم أنه (ص) كان يدرك تماما أن جل أموالهم كانت من أرباح الربا.
وعليه،،، فمتى ما قدمت عملا لشركة فإنه يحل لك أجرة عملك، ولست مطالبا بالتساؤل: هل عملي هذا في البرمجة سيستخدم في حل الاستخدامات أو في حرامها.
غاية ما في الأمر أنه متى ما عرفت أن شركة بعينها جل أعمالها وأنشطتها محرمة، فإن استطعت أن تعتذر إلى شركتك عن مهمة العمل مع خصوص تلك الشركة كان ذلك أنقى لمالك من شوائب الشبهات، وما لم تستطع تنقيته كذلك، كان بوسعك أيضا أن تزيل عنه شبهة الحرج بالتصدق منه.
والله تعالى أعلم