السؤال:
السلام عليكم شيخنا الفاضل ،
سؤالي هو الاتي: ما حكم شراء سيارة بالتقسيط في كندا وما هي افضل طريقة لشراء سيارة بالتقسيط من دون فوائد؟
مع العلم اني ذهبت الى احدى شركات السيارات واخبرت البائع اني مسلم ولا اود ان ادفع فوائد لتقسيط السيارة، فقام بتخفيض نسبة الفائدة الى صفر ٪0 في العقد, ولكنه اضاف المبلغ الى سعر السيارة فأصبحت اغلى مما كانت عليه هل هذا يجوز؟
شكراً جزيلاً وبارك الله فيك
الاجابة:
خلاصة الفتوى/ يجوز بالصورة الموضحة أدناه 👇 والمشار إليها في سؤالك.
وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته أخي الكريم،، وبعد:
فإن الإجابة في سؤالك، نعم ذاك الذي أشرت إليه في ختام سؤالك (تخفيض نسبة الفائدة إلى 0% إضافة إلى مبلغ ثابت) هو إجابة بداية سؤالك.
وهذه افضل طريقة لتمويل شراء السيارة في كندا.
تصوير المسألة في العقد التقليدي :
عندما يذهب الراغب في شراء سياره إلى وكيل التسويق فإن العقد التقليدي للتمويل ينص على ثمن السيارة مضافا إليه نسبة مئوية تمثل الفائدة الربوية نظير تمويل البنك ثمن السيارة إلى Dealer حالا، ومن ثم استيفاء ذلك منك على اقساط، وبالتالي يكون مفاد العقد أن هناك مبلغان قبل الــ total
- المبلغ الاول = ثمن السيارة
- المبلغ الثاني = فائدة مبلغ ثمن السيارة
وهذا عين الربا المحرم (ربا النسيئة)، مبلغ مالي (نسبة مئوية) في مقابل مبلغ مالي مقسطا على فترات (ثمن السيارة).
- تصوير المسألة في العقد الخاص من خلال تجربتي المتكررة في عقود سيارات بعض المصلين في مسجدي :
أن يطلب المشتري (المسلم) من التاجر المعتمد أن يحرر له عقد شراء (شرعي) وذلك بالتنصيص على أن الفائدة0% وعند ذلك سيقوم بحساب ما يعادل مبلغ الفائدة برقم ثابت وليس نسبة مئوية، ثم يضيفه إلى أصل مبلغ السيارة مقسطا على عدد الشهور المتفق عليها، وهذا عقد بيع بالتقسيط، وهو جائز شرعا عند جمهور الفقهاء (أن تباع السلعة بألف دولار نقدا، أو بالف وخمسمائة مثلا مؤجلا على أقساط محددة)، فيقوم البائع من خلال موظف التمويل لديه بتحرير عقد البيع منصوصا فيه على مبلغ واحد فقط، بحيث يكون المبلغ بجملته في مقابل السيارة وثمنا فعليا لها مقسطا على عدد الشهور المتفق عليها.
وحيث إن التاجر المعتمد ليست لديه سيولة كافية لتغطية أموال العقود المؤجلة (المقسطة)، لأنه في حاجة مستمرة متجددة إلى النقد من أجل تدوير عجلة الاستثمار لديه، فعند ذلك سيدفع ذلك العقد إلى البنك، ليقوم هذا الأخير (البنك) بتعجيل الدفع إليه (ما يعادل قيمة ثمنها كاش فقط، أما باقي المبلغ فيأخذه البنك نظير التقسيط)، ثم يحيلك التاجر إلى البنك لتدفع إليه الأقساط في آجالها.
وهذا الأخير هو عقد آخر جائز شرعا أيضا، اسمه عقد الحوالة ، ومعناه: أن يحيل الدائن مدينه في سداد مبلغ الدين إلى طرف ثالث.
وعادة ما يقوم البنك في مثل تلك الأحوال بإضافة مبلغ يسير ثابت في أصل العقد كمصروفات خدمية Fee، وهذا ايضا لا بأس به شرعا.
ثم يقوم مشتري السيارة بعد ذلك بالسداد إلى البنك مباشرة، علما أنه إذا تأخرت في سداد بعض الأقساط شهر او شهرين فإن البنك سيتقبل ذلك دون إضافة أي مصروفات زائدة، بل إن البنك يعطيك من خلال الحساب الالكتروني الخاص بتلك المعاملة إمكانية إعادة الجدولة حسبما تشاء (غاية ما في الأمر أن يتم دفع آخر مبلغ متبقي في الشهر الأخير ليس بعده)، أو على الأقل حسبما رأيت في نظام RBC Bank.
فتكون المعاملة عبارة عن : عقد شراء سيارة بالتقسيط، مع إحالة بسداد اقساطها إلى البنك، وهي جائزة لا حرج فيها.
والله تعالى أعلم
تساؤلات منطقية تفرض نفسها على إجابة فتوى شراء السيارة بالتمويل البنكي👇👇؟
- ما الفرق بين البيع بالنسبة المئوية؟ وبين اضافتها كرقم ثابت في صورة البيع بالتقسيط؟ أو بعبارة فقهية مباشرة: ما الفرق بين البيع بالتقسيط والبيع بالربا؟
يعذر القارئ الكريم الذي تدور في خواطره بعض تلك التساؤلات الموضحة أعلاه 👆، إذ إن المسألة تبدو في الظاهر انها هي ذاتها، وأن التغيير في العقد تغيير شكلي ليس أكثر.
وهو في الحقيقة (التصورية) حقا كذلك، لكنه في الحقيقة الشرعية ليس كذلك وإنما هو تغيير جذري، ينتقل معه العقد من عقد ربوي محرم، إلى عقد بيع جائز، لكن الخط الفاصل بينهما خط دقيق، وهو في المقام الأول (حد الله الذي وضعه لعباده)، لذا استشكل الأمر أيضا في تفهمه على الناس وقت نزول القرآن، فنقل الله لنا استشكالهم لئلا نقول مثل قولهم: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبَا وَأَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَحَرَّمَ الرِّبَا} [البقرة:275]، فالفارق الأول في تحريم سائر المحرمات هو أن الله حرمها، والفارق الأول في إباحة سائر المباحات هو أن الله لم يحرمها، وهذه كافية للمسلم، فليس بالضرورة أن يكون هناك اختلاف جوهري بين حد الحلال وحد الحرام، ليس بالضرورة مثلا وأنت تتجول بسيارتك داخل كندا من حدود مقاطعة إلى حدود مقاطعة أخرى أن تتغير الأرض من تحتك أو السماء من فوقك أو العمران والطبيعة من حولك، وإنما منتهى الأمر أنها حدود وضعت تميز بين نهاية مقاطعة وبداية أخرى، كذلك حدود الله في أرضه محارمه حيثما وضعها وقفنا عند حده ووضعه، وهنا أود أن أعرض على القارئ الكريم جملة من التساؤلات التوضيحية :
- ما حكم الزواج بالخالة؟ وما حكم الزواج بابنتها؟
- ما حكم اكل التمر والعنب؟ وما حكم شراب نبيذ التمر والعنب؟
- ما حكم صيام اخر يوم من رمضان؟ وما حكم صيام اليوم الذي بعده؟
- ما حكم شراء سيارة بالف دولار وبيعها ب1200$؟ وما حكم إقراض الف دولار ب1200$؟
لا فرق بين كل ما سبق، اللهم إلا إنها محض حدود الله التي حدها بين المباحات وغير المباحات،، والربا مثل ذلك، هو نوع من أنواع البيوع، ويشتبه إلى حد كبير معها، ومع ذلك هناك فروق ظاهرة قوية بين البيع والربا لكن قد لا تظهر في صور كل المعاملات، ولا استطيع ضرب الأمثلة الواقعية لئلا أطيل، لكن أكتفي بالتوضيح النظري لأهم تلك الفروق: (أن الثمن في عقد البيع إنما يكون في مقابل سلعة عينية محددة، وأما عقد الربا فإن الثمن فيه (الفائدة) إنما تكون في مقابل مال في حقيقة الأمر، بصرف النظر عن الغطاء الذي تتم تحته عملية الربا)، فلما كانت النسبة المئوية في مقابل التمويل Financing كان ذلك ربا، بينما عندما أضيفت إلى أصل الثمن ليصبح المجموع في مقابل ثمن شراء السيارة، كان بيعا مقسطا، فافترقا في الحقيقة الشرعية، وإن لم يظهر أثر هذا الاختلاف في الحقيقة التصورية.
والله تعالى أعلم