عندي سؤال عن نظام معاملة لشركة جولد إيرا”gold era “. هذه الشركة مرخصة من “مركز دبي للسلع المتعددة”. ونظام التعامل مع الشركة كالتالي: أن الشركة تملك ذهب في مخازنها الخاصة، وتتيح لي شراء وبيع الذهب على الإنترنت، بحيث أنني إذا قمت بالشراء؛ يقيد الذهب لدي في الحساب ويتاح لى خيارين: إما أن أطلب أن إتسلم الذهب، – ويتم في خلال يومين – بأن تقوم الشركة بشحن الذهب إلي أينما كنت، وإما أن يظل مقيد في الحساب وأبيعه أي وقت – بهدف المضاربة -، مع العلم أن الذهب موجود لديهم في مخازن الشركة. وهذا موقع الشركة على الإنترنت.
وجزاكم الله خيراً
الإجابة:
خلاصة الفتوى/ يجوز ذلك بضوابط تفصيلية مشددة، يجب التحقق منها.
تفصيل الفتوى/
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
الذهب أحد الأصناف الربوية الستة التي أخبر النبي (ص) أن لها أحكاما خاصة بها في باب البيع والشراء، ففي صحيح الهدي النبوي: (الذهب بالذهب، والفضة بالفضة، والبر بالبر، والشعير بالشعير، والتمر بالتمر، والملح بالملح، مثلا بمثل، سواء بسواء، يدا بيد، فإذا اختلفت هذه الاصناف فبيعوا كيف شئتم إذا كان يدا بيد).
فيشترط لصحة بيع الذهب (كما هو الحال في بقية الأصناف الستة) تحقق شرطين أساسيين:
- الشرط الأول: التقابض الفوري، أي أن يقبض المشتري الذهب حالًا في مجلس العقد (يدًا بيد).
- الشرط الثاني: التماثل، إذا كان البيع بجنسه (ذهب بذهب، أو تمر بتمر)، أما إذا كان البيع بعملة نقدية كالدولار أو الدرهم فلا يشترط التماثل لكن يشترط التقابض الفوري.
✍🏻 صورة شراء الذهب من الشركة المشار إليها في الفتوى:
أنت ذكرت أخي الكريم أن الشركة تمتلك الذهب فعليا في مخازنها الخاصة.
وأنه عند الشراء يُقيَّد الذهب في حسابك، ويكون لك أحد خيارين، إما طلب التسليم الفعلي خلال يومين، وإما إبقاء الذهب في الحساب والمتاجرة به (بيعًا وشراءً) على الإنترنت.
✍🏻 الحكم الشرعي على هذه المعاملة:
هذه المعاملة المالية مركبة من عدة مسائل فقهية مختلفة، فينبغي إيضاح الحكم الشرعي في كل واحدة من هذه المسائل على إنفراد؛ لإيضاح الحكم العام، وذلك على نحو ما يلي:
✍🏻 المسألة الأولى: مسألة شراء الذهب من شركة (جولد إيرا – Gold Era)؟
يجوز شراء الذهب من الشركة المشار إليها بثلاثة شروط:
- أن يكون الذهب موجودًا ومملوكًا للبائع وقت العقد.
- أن يتم تعيين الذهب المبيع تحديدًا دقيقا بالوزن، والرقم، ومواصفات القطعة؛ بحيث أن يكون الذهب المباع معينا بالتعيين، لا موصوفا في الذمة، والمعنى: أن يصير الذهب المباع سلعة معينة بذاتها لا تختلط بغيرها، ولا تتشابه عند التسليم.
- أن يكون للمشتري القدرة على استلامه متى شاء بدون عوائق.
فإن تحققت هذه الشروط، فالتعامل جائز من حيث الأصل، وإلا فهو بيع محرم.
✍🏻 المسألة الثانية: مسألة استبقاء الذهب في المخزن بعد الشراء؟
إذا تم تعيين الذهب المباع تعيينا دقيقا بتحقق شروط المسألة السابقة، فلا بأس باستبقاءه بعد الشراء في مخازن الشركة البائعة، ولا يتناقض ذلك مع شرط التقابض الوارد في حديث النبي (ص): (يدا بيدا)؛ لقيام القبض الحكمي مقام القبض الحقيقي باتفاق الفقهاء (ح)، والقبض الحكمي للذهب هنا إنما يتحقق بثلاثة أمور كلها متوفرة في هذه المسألة:
- الأمر الأول: التعيين للمبيع (الذهب) بالوصف الدقيق الذي لا تشتبه به قطة ذهب بقطعة أخرى.
- الأمر الثاني: تسجيل صكوك ملكية الذهب باسم المشتري له.
- الأمر الثالث: تحقق القدرة على شحنه وإرساله للمشتري دون عوائق في أي وقت شاء.
فعند ذلك يقوم هذا القبض الحكمي مقام القبض الحقيقي، ويصبح المشتري كما لو كان قد قبض الذهب في مجلس العقد يدا بيد، على نحو ما أرشد النبي (ص).
✍🏻 المسألة الثالثة: المضاربة والاستثمار في ذلك الذهب، بإعادة بيعه بعد الشراء والتمليك؟
إذا تملكت الذهب من الشركة بالضوابط والشروط السابقة، فإنه يجوز لك بيعه لغيرك بنفس الضوابط والشروط.
وأما إذا فقد تحقق شرط واحد من هذه الشروط، فإن المعاملة سوف تكون عقدا صوريا يشبه العقود الآجلة أو المشتقات (CFDs)، وهذه معاملات محرمة وغير جائزة لأنها لا تقوم على تملّك حقيقي وإنما على فروقات الأسعار.
✍🏻 وخلاصة ما سبق،، فإنه يجوز لك التعامل بالمضاربة من خلال التعامل مع هذه الشركة، بشرط التحقق من الشروط السابقة، وأهمها:
التحقق من تعيين الذهب الذي سوف تشتريه تعيينا دقيقا منافيا للاشتباه بغيره، أما إذا كان الذهب مجرد رصيد رقمي في النظام المحاسبي الإلكتروني دون تخصيص كمية معينة لك من الذهب الموجود فعلًا في المخزن، فالمعاملة محرّمة لأنها تدخل في باب الربا والمقامرة والمضاربة غير المشروعة.
والله تعالى أعلم