السؤال:
السلام عليكم شيخ عبد الله، سؤالي حول تحريم حمل الخمر : هل التحريم في المطلق أم فقط مقيد بسياق الحمل في غرض البيع و الشراء و نحوه ؟ يعني مثلا حمل الخمر من باب فسح المجال للمرور إن كان يسد الطريق داخل أيضا في التحريم ؟
- أنا أشتغل في مصنع لتحضير طلبات ترسل للزبائن (غلال، خضراوات، لحوم …) و قد تحتوي الخمر، شغلي في قسم لا أباشر الخمر (رسكلة الخضروات و فرزها و أعمال تنسيقية مشابهة لا دخل لها بالخمر) لكن أحيانا محتاج أمر و يكون أمامي عربة فيها صناديق طلبات الزبائن التي تحوي الخمر و محتاج أزيحها من أمامي حتى أمر و أواصل شغلي (أحيانا ممكن أنتظر صاحب العربة هو بنفسه يبعدها و أحيانا أكون مستعجل فلا أنتظره و أبعدها بنفسي) … فهل حمل الخمر هنا لفسح المجال محرم ؟
- في الأسبوع الماضي كنت ماشي وسط المصنع حامل شحنة كبيرة بالجرار (jigger lift) و بالخطأ ضربت كرتونة خمر و كادت أن تسقط كلها على الأرض و تكسر كل القوارير، فأنا بردة فعل تلقائية مسكتها برجلي و رجعتها لمكانها، هل حمل الخمر هنا كان محرم علي ؟
و جازاك الله كل خير
الاجابة:
وعليكم السلام ورحمه الله وبركاته،، زادك الله حرصا لدينك أخي الكريم،، آمين.
أما ما سالت عنه بخصوص حرمة حمل الخمور (وحاملها)، فإن ذلك نص عام، يشمل كل حمل للخمرة بقصد من القصود، لا يستثنى من ذلك إلا حملها لاتلافها والتخلص منها فقط، وأما ما عداه فلا ينبغي بحال من الأحوال.
وأما ما أشرت إليه في سؤالك من ازاحتها عن طريق عملك لاستئناف واجباتك فهذا لا حرج فيه.
وأما ما أشرت إليه أيضا في سؤالك من ردة فعلك التلقائية التي حفظت بها عبوات الخمرة من السقوط والاتلاف، فهذا أيضا لا حرج فيه، وذلك أن الشريعة الغراء بيسرها المميز لأحكامها قد رفعت المؤاخذة عن المكلفين في تصرفاتهم التلقائية التي لا ينشؤها القصد الخاص لارادتهم، ومن نظائر ذلك في الشريعة الغراء، ما يلي:
- رفع المؤاخذة في اليمين اللغو، عندما يكون الحالف كاذبا عن غير قصد في كذبه ولا يمينه، وإنما توهم أمرا ثم خرجت اليمين من شفتيه بطريق التلقائية والعفوية، يقول الله تعالى: (لا يؤاخذكم الله باللغو في أيمانكم ولكن يؤاخذكم بما عقدتم الأيمان).
- ومن ذلك أيضا رفع المؤاخذة عن الناظر عندما يكون نظره عن تلقائية غير متعمده، ففي صحيح الهدي النبوي: (لا تتبع النظرة النظرة، فإن الأولى لك وليست لك الآخرة).
ونظائر ذلك كثير، ولعل تصرفك العفوي هذا مشمول أيضا في مفهوم حديث النبي (ص): (إن الله تعالى تجاوز لي عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه)، فمصدر تلقائية التصرفات الغفلة والنسيان.
والله تعالى أعلم.