مدى تحقق الاتصال المعتبر شرعًا في صلاة الجماعة الإلكترونية

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته

احضر في محاضرات عن بعد وفي بعض الأحيان تقام الصلاة جماعة أثناء المحاضرة، هل ممكن ان أصلي معهم و تعد صلاتي صحيحة؟ أم أغادر للصلاة المنفردة؟

جزاكم الله خيرا

الإجابة:

خلاصة الفتوى/ لا تصح صلاة الجماعة عن بعد، ويجب إعادة ما كان منها على هذا النحو.

تفصيل الفتوى/

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

صلاة الجماعة عبادةٌ ذات هيئة مخصوصة وشروطٍ محدّدة، لا تُتصوّر إلا مع وجود اتصالٍ مكانيٍ معتبرٍ بين الإمام والمأمومين، بحيث يمكن للمأموم أن يصل إلى الإمام أو إلى صفوف المصلّين من غير فاصلٍ يمنع الاتصال العرفي، وهذا ما نصّ عليه الفقهاء من المذاهب الأربعة (ح).

أما في الصورة المذكورة، وهي أن يكون الإمام في مكانٍ والمأمومون في أماكن متفرّقة، ويُتابعونه عبر الإنترنت أو البثّ المباشر بالصوت والصورة، فإنّ هذه الصلاة لا تُعدّ جماعةً صحيحة؛ وذلك لأسبابٍ فقهيةٍ وواقعيةٍ واضحة، من أهمها ما يلي:

  1. انعدام الاتصال المكاني بين الإمام والمأموم: حيث يشترط لصحة الجماعة إمكانُ وصول المأموم إلى الإمام أو إلى صفوف المأمومين من غير حائلٍ يمنع العبور عرفًا، وهذا الشرط منتفٍ في الصلاة عبر الشبكة الإلكترونية، إذ يفصل بين الإمام والمأموم مسافاتٌ بعيدة، وأمكنةٌ متعددة، فلا يتحقق وصف الاجتماع المكاني المطلوب.
  2. وجود فاصلٍ زمنيّ (تأخير تقني): وهذا قائم أو محتمل حتى مع أفضل تقنيات البثّ المباشر، لا تخلو الوسائط من تأخيرٍ يسيرٍ في الصوت أو الصورة، وكذا احتمالية انقطاع البث، وكلاهما يجعل المأموم لا يتابع الإمام متابعةً حقيقية آنية، وهو مخالف لشرط المتابعة الفعلية في الجماعة، إذ يجب أن تكون حركات المأموم تالية مباشرةً لحركات الإمام دون فجوةٍ زمنية.
  3. عدم ورود دليلٍ شرعيّ يجيز هذا النوع من الاقتداء: فالأصل في العبادات التوقيف، فلا يُشرع منها إلا ما ورد به النصّ أو أقرّه العمل في عهد النبي ﷺ وأصحابه (ض)، ولم يُعرف عن السلف أنّهم صلّوا خلف إمامٍ غائبٍ عن مكانهم ولو كان يسمعونه أو يرونه، مع أنّ أسباب ذلك كانت ممكنة في بعض الحالات (كالأذان أو الصوت العالي)، فتركهم لذلك دليلٌ على عدم مشروعيته.

والله تعالى أعلم

الأكثر مشاهدة

أضيف مؤخراً

أضيف مؤخراً

wpChatIcon