استرجاع الحق بطريق آخر.. بين النية الصالحة والوسيلة المشروعة

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

شيخنا الفاضل بارك الله فيكم، طلب مني احد الاخوه التقدم اليكم بطلب الفتوى والنصح بخصوص خلاف عائلي بين اربع اخوة، الاخ الاكبر تجرأ وأكل ظلما نصيب اخوته الثلاثة من مشروع تجاري بينهم كان يقدر نصيب الفرد منهم ما يقارب 10 الالاف دولار، رغم محاولة الاخوه نصح اخيهم الاكبر بأن لا يفعل ذلك لما فيه ظلم لنفسه باكل مال ليس من حقة وحالوا ايضا نصح اخوهم من خلال اقاربهم ولكن الاخ الاكبر لم يصغى لاحد بارجاع حق اخوته الثلاثه، و ان احد الاخوة الثلاثة الذين لهم حقوق عند اخيهم الاكبر كان علية دين سابق لاخيه الاكبر بمقدار 30 الف دولار وبعد عدة سنوات فتح الله على هذا الاخ برزق من الله واراد ان يسوي وضعه مع اخيه الاكبر ويرد دينه ولكنة اشترط على اخيه الاكبر ان يرد لاخوته الاثنين نصيبهم (10 الاف دولار لكل واحد) ولكن اخيه الاكبر رفض ان يستمع ويرد الحق لاخوته.

السؤال هل يجوز للاحد الاخوه الثلاثة الذي في رقبته دين بمقدار 30 الف دولار لاخية الاكبر ان يرد ذلك الدين مباشرة لاخوته الاثنين اللذين رفض اخوهم الاكبر اعطاءهم نصيبهم البالغ 10الف دولار لكل واحد وذلك بحسن نية رافة باخية الاكبر ليحمية من ظلم نفسه باكل مال حرام  لاخوته لانه يخشى ان اخوه الاكبر والذي تجاوز عمرة السبعين لايعقل حقيقة الاثم الذي يرتكبة ويساعدة بغير موافقته في تسديد حقوق اخوته؟ بارك الله فيكم و جزاكم الله خير.

الإجابة:

خلاصة الفتوى/ لا يجوز للأخ الذي عليه الدَّين أن يسدّد منه شيئًا لإخوانه الآخرين دون إذن الأخ الأكبر، اللهم إلا بأحد أمرين: إما برضاء الأخ الأكبر، وإما بحكم شرعي صادر عن لجنة تحكيم.

تفصيل الفتوى/

الأصل أن الدَّين الذي في ذمة أحد الإخوة (وهو ثلاثون ألف دولار) واجب أداؤه لصاحبه الذي أقرضه، وهو الأخ الأكبر؛ لأن الدَّين أمانة، وحق لازم لا يجوز التصرّف فيه إلا بإذن صاحبه.

لكن في هذه المسألة خصوصًا توجد شبهة من نوع آخر، وهي أن الأخ الأكبر ظَلَمَ إخوانه بأكل حقوقهم في المشروع التجاري، وكل واحد منهم له عشرة آلاف دولار، وهو لا يريد ردّها رغم النصيحة.

فالذي عليه دَين لأخيه الأكبر لا يجوز له أن يحوّل جزءًا من الدَّين إلى إخوانه الآخرين من تلقاء نفسه، لأن هذا تصرّف في مال لا يملكه، والدَّين لا يسقط ولا يتحوّل إلا برضا صاحبه، وفي صحيح الهدي النبوي: (لا يحل مال امرئ مسلم إلا بطيب نفس منه).

ومع ذلك، لو خشي هذا الأخ على أخيه الأكبر من أكل الحرام وظلم إخوانه، فله أن يسعى بالوسائل المشروعة لحماية أخيه من الإثم من جانب، وإنصاف إخوانه المظلومين في رد مستحقاتهم المالية من جانب آخر، وليبدأ مجددا بما يلي:

1. أن يُناصحه بالحسنى مجددا ومرارًا، وأن يذكّره بخطر أكل الحرام، وخاصة في كِبَر السن.

2. أن يستشير عالمًا أو إمامًا قريبًا منه يمكنه التأثير عليه بالكلمة الطيبة.

3. أن يؤخّر سداد الدَّين الذي عليه إلى أخيه الأكبر حتى إيجاد حل ينصف به الجميع.

4. ثم في نهاية المطاف يسعى لطلب تشكيل لجنة تحكيم شرعي من شخصين على الأقل من أهل التدين والفقه والحكمة، بحيث يستمعون إلى جميع الأطراف، ويتحققون من مظلومية الأخوة، ثم إن تحققوا من ذلك فعلياً فينبغي عليهم أن يصدروا حكما بمصادرة هذا الدين لصالح الأخوة المظلومين دون رده إلى أخيهم الأكبر، وعند ذلك فقط تبرأ ذمة الأخ المدين بمبلغ الثلاثين ألف دولار من دين الأخ الأكبر، ويبرأ الأخ الأكبر من ظلمه لأخوته في الدنيا، ويبقى عليه عقاب الظلم في الآخرة لقاء عدم مبادرته بالرجوع عن ظلمه من تلقاء نفسه، وقبل ذلك لقاء المماطلة في رد ما عليه، والنبي (ص) يقول: (مطل الغني ظلم)، إلا أن يتوب إلى الله تعالى.

أما أن يدفع المال مباشرة لإخوانه الآخرين دون إذن صاحب المال، فلا يجوز شرعًا، ولو كانت النية حسنة، لأن النية الصالحة لا تُبيح الحرام، ومثل هذه القضية لا تحل من خلال الاستفتاء، وإنما من خلال حكم شرعي صادر عن لجنة تحكيم، فلربما كان كل ما سبق مجرد توهم من طرف، بينما للطرف الآخر حكايته وحجته؛ لأجل ذلك كان لا بد من حكم حيادي على يد قضاة خارج أطراف النزاع: (وإن خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من أهله وحكما من أهلها إن يريدا إصلاحا يوفق الله بينهما إن الله كان عليما خبيرا) سورة النساء – 35.

والله تعالى أعلم.

الأكثر مشاهدة

أضيف مؤخراً

أضيف مؤخراً

wpChatIcon