توضيح ثلاث حالات طلاق مختلفة، وطلب تحديد ما يقع منها شرعا.

السلام عليكم

انا متزوج ولي ثلاثة ابناء، في مدة عشرة سنوات زواج حدثت الكثير من المشاكل الزوجية وقد نطقت بكلمة الطلاق في ثلاث مواقف:

الموقف الاول كان على اثر خلاف حاد حدث بيني وبين زوجتي وكنت قد قلت “ان خرجتِ من المنزل وذهبتِ الى الحلاقة فأنت طالق”، زوجتي حينها خرجت من المنزل و عادت بعد مدة زمنية لا اتذكرها كم المدة تحديدا، إلا انها اكدت لي بعد فترة من الوقت انها لم تذهب الى الحلاّقة النسائية، لم تكن نيتي ان اطلقي زوجتي والله شاهد على كلامي كان فقط بدافع التهديد والتخويف والله شهيد على كلامي.

المرة الثانية كانت اثر اكتشافي ان زوجتي تخفي عني الكثير من الاسرار حيث انها قامت بتسجيل اخيها الاصغر للدراسة بجامعة في مونتريال؛ علما اننا نقطن حاليا انا وزوجتي وابنائي في مونتريال دون علمي كما انها ايضا كانت ترسل المال لأخيها و صديقتها في بلد الأصل دون علمي، وعلى اثر مشادة كلامية بيني وبينها وبين امها وابيها وعدم تقبلهم لحقي في العلم بما اخفته عني زوجتي فقد قلت “فلانة بنت فلانة وفلان انت طالق”، نيتي او حالتي النفسية او العصبية فس تلك اللحظة، انا لا اتذكر ولا اقدر ان اجزم عن نيتي في تلك اللحظة.

المرة الثالثة كانت اثر طردي زوجتي لي من المنزل وطلب الطلاق بعد حوالي اسبوع او اسبوعين من تاريخي خروجي من المنزل وبعد عدة محاولات لاصلاح العلاقة شب شجار هاتفي بيني وبين زوجتي، اقسم بالله العظيم انني بلغت لحظتها ذروة الانهيار العصبي والحالة النفسية المتشنجة، كنت في حالة عصبية لا توصف لدرجة ان ريقي جف واصبحت اسعل بشدة لحظتها وقد قلت لها “انت طالق”، لم يكن يومي لي نية طلاق زوجتي لانني تزوجتها عن حب ولديا منها ثلاث ابناء، ولازلت احب زوجتي رغم انها مصره على الطلاق وقد رفعت فعلا قضية طلاق.

اريد ان اسأل من فضلكم عن شرعية ما وقع نطقه من كلمات طلاق، هل ان علاقتي معى زوجتي مازلت حلال ام محرمة؟ وشكرا

الإجابة:

خلاصة الفتوى/  الطلقة الأولى غير نافذة، والأولى والثانية بعدها نافذتين، فإن طلقت زوجتك مجددا، فلن تحل لك من بعد حتى تنكح زوجا غيرك.

تفصيل الفتوى/

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

بداية أود أن أضع بين يديك أهم الضوابط الفقهية الحاكمة لألفاظ الطلاق من حيث نفاذها أو عدمه، وذلك على نحو ما يلي:

  1. الضابط الأول: أن ألفاظ الطلاق الصريحة (أنت طالق/ طلقتك) ونحوهما، يقع بها الطلاق مطلقا، بصرف النظر عن النية أو القصد؛ لما في صحيح الهدي النبوي: (ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح، والطلاق، والرجعة).
  2. الضابط الثاني: أن الألفاظ غير الصريحة في إفادة الطلاق (الألفاظ الكنائية)، لا يقع بها الطلاق بذاتها، وإنما تفتقر إلى النية والقصد حتى يقع بها التطليق، كمن قال لزوجته: (حرمت علي)، فان قصد الطلاق طلقت منه زوجته، وإلا فلا تطلق.
  3. الضابط الثالث: الطلاق المعلق على فعل أو شرط، والطلاق الكتابي، كلاهما من قبيل الطلاق الكنائي، فلا يحكم بالتطليق بهما إلا عند قيام قصد الطلاق وتحقق نيته.
  4. الضابط الرابع: أن الغضب لا يمنع وقوع الطلاق، وإنما هو الحالة الطبيعية التي لا ينبغي أن يقع الطلاق إلا عندها.

،،، وبناءا على ما سبقت الإشارة به من هذا التنظير الفقهي للمسألة، يتضح لنا التطبيق العملي للفتوى في حقيقتين:

  • الحقيقة الأولى: أن الصيغة الأولى المعلقة (ان خرجتِ من المنزل وذهبتِ الى الحلاقة فأنت طالق)، لا يحتسب بها الطلاق؛ وذلك لسببين:
  1. السبب الأول: عدم وقوع الشرط من جانب الزوجة.
  2. والسبب الثاني: عدم وجود النية والقصد من جانب الزوج.
  • الحقيقة الثانية: أن الصيغة الثانية والثالثة نافذتين، وقد تحقق بهما الطلاق مرتين، فإن طلقت زوجتك مجددا، فلن تحل لك من بعد حتى تنكح زوجا غيرك.

والذي أنصحك به ختاما أخي الكريم أن تجاهد نفسك في الصبر وكبح الغضب، وألا تتسرع في النطق بالطلاق مرة أخرى، وخذ مسافة من زوجتك هذه الفترة حتى تهدأ النفوس، وتتفكّر بعقل وهدوء إن كنتما قادرين على البدء من جديد بصفحة صافية، ولا تعودا إلى الحياة الزوجية إلا بعد التأكد من الاستعداد الحقيقي للإصلاح؛ لأن العودة في ظل التوتر والغضب قد تؤدي إلى طلاقٍ نهائيٍ لا رجعة فيه.

أصلح الله أحوالكم، وألطف الله أقداركم، لما فيه خير أبناءكم وسعادة أولاكم وأخراكم.. آمين.

والله تعالى أعلم

الأكثر مشاهدة

أضيف مؤخراً

أضيف مؤخراً

wpChatIcon