السؤال:
شيخنا الكريم…السلام عليكم….هل تقوم صلاة الجمعة بأقل من اثنتا عشرة شخصا…أو ما هو الثابت في ذلك الامر…..بارك اللّٰه فيكم…
الاجابة:
خلاصة الفتوى / نعم تنعقد الجمعة بأقل من 12 شخص.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الكريم،،
لقد أوجب الله تعالى الجمعة وجوبا عينيا على كل مسلم، الا المسافر والمرأة خصوصا، وصاحب العذر عموما، وجعل الله شرط وجوبها (الجماعة)، وذلك يفهم صراحة من خلال الدلالة اللغوية المشتق منها تسمية (الجمعة)، كما يفهم أيضا من خلال الدلالة الضمنية في آية وجوبها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِن يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَىٰ ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ۚ ذَٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ)[الجمعة – 9]، فالأمر بالسعي الجماعي يفهم منه اشتراطية الجماعة لايجابها، وعلى ذلك اتفاق الفقهاء (ح) فمتى لم يتحقق الاجتماع لا تكون الجمعة واجبة في حق الفرد والفردين وانما يصليان ظهرا أربعا، فرادى او مجتمعين.
ثم اختلف الفقهاء فيما وراء ذلك في تحديد العدد الذي تنعقد به الجمعة (في حدها الأدنى) على بضعة أقوال، فالشافعية والحنابلة مثلا يشترطون في الحد الأدنى لانعقاد الجمعة 40 أربعين مصليا، بينما المالكية في المعتمد عندهم يشترطون 12 إثني عشر مصليا، ويرى الإمام الأعظم الحنيفة النعمان أنها تنعقد ولو بثلاثة، خطيب ومستمعين، إذ أن ذلك أقل الجمع.
وعند التحقيق نجد أن كل تلك الآراء – باستثناء راي الحنفية – اجتهادية محضة، تعتمد على استقصاء رواية الأعداد التي صلى النبي ﷺ الجمعة فيهم، إذ لا نص في المسألة.
والأولى بالرجحان والقبول والعلم عند الله تعالى، هو مذهب فقهاء الحنفية، ((صحة)) انعقادها ولو بثلاثة مصلين، وذلك لما يلي:
- أولاً : أن الجمع مستغرق للعدد بدءا من ثلاثة، ولو كان هناك عدد مخصوص لانعقاد الجمعة فوق مفهوم الجمع – ثلاثة – لنص عليه النبي ﷺ وبينه.
- ثانياً : أن استقراء أقل اعداد الجمعات التي صلى بها النبي ﷺ لا دليل فيه، فصلاته مثلا في جمعة بإثني عشر مصليا لا حجة ولا دليل فيه على أنها لا تصح بأقل من ذلك.
- ثالثاً : أن بقية المذاهب في المسألة ليس لهم مستندات نصية، فوجب العدول عنهم إلى الأحوط، إقامة للفريضة المعظمة من أركان الإسلام.
وختاماً يظهر لي في خصوص هذه الأحوال الجارية إبان هذا الوباء أن في الأخذ بقول فقهاء الحنفية أولوية دينية حتى لا تهدر هذه الفريضة المعظمة من فرائض الدين، فمن تيسر لهم إقامة الجمعة ثلاثة أقاموها ولو في أدنى أركانها:
- حمد وثناء على الله.
- آية فيها الأمر بالتقوى.
- وعظ ولو بآية أو حديث.
- الختام بالدعاء، مع التأكيد على أمرين:
- أما الأمر الأول: فهو أن حديثنا فيما سبق حول العدد الذي (تصح) به الجمعة، وليس العدد الذي (تجب) به الجمعة، إذ لا يلزم من الصحة الوجوب، وأما وجوبها فعندما يكون هناك مسجد جامع يجتمع لها الناس فيه، وإمام قائم يؤدي خطبتها وصلاتها.
- وأما الأمر الثاني: فهو أن مساجدنا الآن مغلقة، فلا سبيل إلى إقامة الجمعة بها حتى يأذن الله لنا بالفرج القريب، وعليه فإنه يسع من لم يؤدي الجمعة في بيته أو في عمله لعدم التمكن من بلوغ نصاب عددها، ونحو ذلك، أن يصليها ظهرا أربعا.
والله تعالى أعلم.