السؤال:
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
ترددت في الآونة الأخيرة بعد مقتل شيرين أبو عاقلة مراسلة الجزيرة في فلسطين المحتلة أقوال كثيرة حول جواز الترحم على المسيحي وجواز اعتباره شهيدا وقد حدث هرج ومرج في هذا الموضوع فمن المشايخ من حلل ومنهم من حرّم ودخل الناس في حيص بيص. يقول البعض لنفرض ان زوجتي مسيحية الا يجوز لي أن اترحم عليها بعد موتها وهي زوجتي وأم أطفالي؟ ألا يعتبر الترحم واعتبار الشخص شهيدا هو ما يتمناه الشخص للشخص الآخر ولا يتعدى كونه شعوراً انسانياً ولكن المصائر في النهاية بيد رب الأرباب؟ ألا يدخل هذا العمل وأقصد هنا الترحم على غير المسلم في باب حسن الخلق والجوار وألا يُفترض بالإنسان أياً كان ان يتمنى الخير لأخيه في الإنسانية بصرف النظر عن دينه؟ ألا يدخل هذا في باب السماحة التي يتصف بها الإسلام؟
الاجابة:
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته أخي الكريم،،
صدقت وبالواقع نطقت، وقع خلط تعالت أصداؤه في قضية ليست خلافية، ولا يمكن أن يعتبر فيها الخلاف، إذ أن من مسلمات أصول الاجتهاد قاعدة جليلة مفادها: (لا اجتهاد مع النص)، فعندما يرد النص الصحيح الصريح فلا يمكن أن تتعالى معه أصوات أخر: (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم، ومن يعص الله ورسوله فقد ضل ضلالا مبينا) – سورة الأحزاب 36.
وقد قضى الله تعالى أن من مات على غير ملة التوحيد به والايمان بكتبه ورسله كافر، وأن الترحم عليه بعد مماته أو طلب المغفرة له غير جائز، بل ولا تشييع جنازته أو الوقوف على قبره، كل ذلك بنص القرآن الصريح: (ولا تصل على أحد منهم مات أبدا ولا تقم على قبره، إنهم كفروا بالله ورسوله وماتوا وهم فاسقون) – سورة التوبة 84.
جدير بالتأمل : أن الله تعالى بعدما أكد في وحي قرآنه أن خليله إبراهيم (س) أنموذج تام في الاقتداء، وأمة كاملة في الوفاء، حتى ارتضاه الله تعالى مثالا ينفذ إلى رضوانه من خلال اقتفاء سيرته وآثاره (واتخذ الله إبراهيم خليلا) اي أنموذجا كاملا ينفذ إلى الله من خلاله.
إلا إنه مع ذلك استثنى القرآن الكريم لنا أمرا واحدا لا يجوز لنا أن نقتفي فيه أثر أبينا إبراهيم (س)، وهو خصوص خطأه في استغفاره لأبيه الذي مات على غير الإيمان بالله والمرسلين، في الآية الرابعة من سورة الممتحنة: (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه، إذ قالوا لقومهم إنا برءاؤا منكم ومما تعبدون من دون الله، كفرنا بكم وبدا بيننا وبينكم البغضاء أبدا حتى تؤمنوا بالله وحده، إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك وما أملك لك من الله من شيء)، فإن هذا هو الاستثناء الوحيد الذي لا يجوز أن يقتدى فيه بالخليل إبراهيم (س)، وقد بين القرآن الكريم أن الخليل (س) قد تراجع لاحقا عن هذا الخطأ عندما تبين له: (وما كان استغفار إبراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه، فلما تبين له أنه عدو لله تبرأ منه، إن إبراهيم لأواه حليم) – سورة التوبة 114.
فيجب على كل مسلم أن يحسن إلى المحسنين من غير المسلمين في حياتهم بسائر وجوه الإحسان، وان يصاحب المقسطين منهم في الدنيا معروفا كما أرشد القرآن: (وصاحبهما في الدنيا معروفا)، فإذا فاضت الروح إلى باريها، فقد انقطعت العلاقات (فريق في الجنة وفريق في السعير) – سورة الشورى 7.
فلا يجوز بعدها لا الدعاء له بالرحمة، ولا طلب المغفرة له، بل ولا اتباع جنازته، أو زيارة قبره على نحو ما ورد النص القرآني الصريح في النهي عن ذلك كله.
والله تعالى أعلم
فتاوى تعليق على هامش اجابة هذه الفتوى/
جزاك الله خيرا يستشكل عدة امور:
والد ابراهيم عليه السلام قامت عليه الحجة بالدعوة و البيان و المحاجة،
فما قولك في من لا نعلم هل قامت عليه الحجة ام لا.
ما توجيهك لقول الرسول ﷺ انه اذن له بزيارة قبر امه.
و ما توجيهك لوقوف النبي لجنازة اليهودي عندما مرت به.